شهدت المملكة العربية السعودية تطورًا تشريعيًا ملحوظًا على مختلف المستويات. ومن أبرز هذه التطورات صدور نظام سلامة المنتجات عام 1446هـ، والذي جاء استجابةً لحاجة ملحة لحماية المستهلك.

ففي العصر الحديث، تختلف طرق تصنيع المنتجات بدرجة كبيرة، مما يؤدي إلى تباين واضح في مستوى خطورة كل منتج. لذلك، تضمن النظام نصوصًا وقائية تهدف إلى منع وقوع الضرر. وأخرى علاجية تهدف إلى ضمان تعويض المتضررين وتحديد المسؤوليات القانونية بدقة.

أوضح المنظم في المادة الثانية من نظام سلامة المنتجات أن الهدف الأساسي من النظام هو حماية المستهلك.

ويتم ذلك من خلال منع المخاطر المرتبطة بالمنتجات التي يتم عرضها أو تداولها في أسواق المملكة. كما بيّن النظام الأسلوب الواجب اتباعه للتعامل مع تلك المخاطر بما يحقق السلامة المرجوة.

علاوة على ما سبق، تضمّن النظام عددًا من النصوص النظامية التي تهدف إلى تحقيق غاية أساسية. وهي حماية المستهلك من خلال ضبط العلاقة بين المنتج والمستهلك.

أولًا: الالتزامات النظامية على المشغل الاقتصادي

فرض النظام عدة التزامات على من يُطلق عليهم اسم المشغلين الاقتصاديين، وهم: الصانع، والممثل المعتمد، والمستورد، والموزّع. ولكل منهم دور محدد والتزامات قانونية يجب الالتزام بها لتحقيق أهداف النظام بشكل فعّال.

نصَّ النظام في المادة الخامسة على حظر عدد من الأنشطة المرتبطة بالمنتجات غير الآمنة، وهي: صناعتها أو استيرادها أو تسويقها أو تداولها أو الإعلان عنها.

ثم أوضح النظام في المادة السادسة المقصود بالمنتج “الآمن”، حيث يكون المنتج كذلك إذا كان استخدامه في الظروف العادية لا يُشكّل خطرًا، أو كانت المخاطر المحتملة منه مقبولة ومتوافقة مع مستويات السلامة المعتمدة. وتشمل هذه المستويات: سلامة المستهلك، وسلامة الممتلكات، والبيئة.

كما يُشترط أن يتوافق المنتج مع جميع المتطلبات الأساسية، وأن يلتزم باللوائح الفنية ذات العلاقة.

وفي حال عدم وجود متطلبات أو لوائح فنية ذات صلة، يُعد المنتج آمنًا إذا كان مطابقًا للمواصفات السعودية (إن وُجدت)، أو للمواصفات الإقليمية أو الدولية المماثلة.

نصّت المادة العاشرة من النظام على إلزام كل من الصانع، والممثل المعتمد، والمستورد بـ تزويد المستهلك بالمعلومات الضرورية عن المخاطر المرتبطة بالمنتج، وخاصةً تلك التي قد لا تكون واضحة له.

ويهدف هذا الالتزام إلى تمكين المستهلك من اتخاذ الاحتياطات المناسبة لتفادي الضرر.

أما المادة الثانية عشرة، فقد ألزمت الأطراف ذاتها (الصانع والممثل المعتمد والمستورد) باتخاذ الترتيبات اللازمة للبقاء على اطلاع دائم بالمخاطر التي قد تنتج عن منتجاتهم المطروحة في السوق. ويشمل ذلك تنفيذ إجراءات تصحيحية مثل:
• تحذير المستهلك من الخطر المحتمل،
• واستدعاء المنتج عند الحاجة.

ثانياً: المسؤولية عن الخلل في المنتج

كما سبق بيانه أن نظام سلامة المنتجات تضمن نصوصاً وقائية وأخرى علاجية:

  • أولاً: النصوص الوقائية: وهي الالتزامات المفروضة على عاتق كلٌ من الصانع والممثل المعتمد والمستورد والموزع والمشغل الاقتصادي. وتهدف هذه الالتزامات إلى منع الخطر أو الحد منه وذلك من خلال بيان أسلوب التعامل مع المخاطر المرتبطة بالمنتجات.
  • ثانياً: النصوص العلاجية: وهي النصوص التي تكفل حماية حق المستهلك في التعويض عن الأضرار التي أصابته من المنتجات المُخَل بسلامتها.

فنصَّ المنظم في المادة الحادية والثلاثون على أن “يُعد الصانع مسؤولًا عن كل ضرر ينتج عن خلل موجود في المنتج الذي قام بوضعه في السوق”.

ويتضح من النص السالف أن المنظم أخذ بالنظرية الموضوعية كأساس لمسؤولية الصانع، ولهذا يتطلب لقيام مسؤولية الصانع تحقق الأركان الثلاثة وهي:

  1. وجود خلل في المنتج.
  2. وقوع ضرر فعلي.
  3. وجود علاقة سببية بين الخلل والضرر.

فمتى توفرت هذه العناصر، يلزم الصانع بتعويض المستهلك عن كافة الأضرار الناتجة.

ويبقى تساؤلاً مهماً على من يقع إثبات العلاقة السببية بين الخلل والضرر؟

وفقًا للأصل العام في نظام الإثبات السعودي، فإن المدّعي هو من يتحمّل عبء الإثبات، بينما اليمين على من أنكر.

إلا أن اللائحة التنفيذية لنظام سلامة المنتجات خالفت هذا الأصل في المادة الثانية والستين، حيث نصّت على ما يلي: “يجب افتراض وجود صلة بين عدم سلامة المنتَج والضرر الناجم عنه، متى ثبَت أن المنتَج غير آمن، وأن الضرر الناتج هو من النوع الذي يتفق عادةً مع انعدام السلامة المعنية.”

بناءً على ذلك، فإن النظام يفترض وجود علاقة سببية قانونًا بين الخلل في المنتج والضرر، دون حاجة إلى أن يُثبتها المتضرر، بشرط أن يُثبت أولًا أن:

  1. المنتج غير آمن.
  2. الضرر من النوع الذي ينسجم عادةً مع هذا النوع من الخلل.

وأوضح المنظم -في المادة الستون من اللائحة التنفيذية- أن المسؤولية عن الخلل في المنتج هي من النظام العام التي لا يجوز تقليصها إذا كان الضرر ناجماً عن عدم سلامة المنتج أو بسبب فعل أو إهمال من جانب طرف آخر، ويجوز تقليصها أو نفيها إذا كان الضرر ناجماً عن عدم سلامة المنتج بسبب خطأ المستهلك الذي تعرض للضرر أو أي شخص مسؤول عنه.

وتحقيقاً لحماية المستهلك من الحصول على تعويض عن كافة الأضرار التي أصابته جرّاء خلل موجود في المنتج قرر المنظم -في المادة الثانية والثلاثون من النظام- على أن يتحمل المستورد أو الممثل المعتمد جميع مسؤوليات الصانع وواجباته القانونية وذلك إذا كان مقر الصانع خارج المملكة. وفي حال تعذر تحديد هوية الصانع أو المستورد المسؤول عن الوضع في السوق حيال الأضرار الناتجة عن خلل موجود في المنتج فيتحمل جميع المشغلين الاقتصاديين المسؤولية عن تلك الأضرار بالتضامن، وذلك دون إخلال بحق أي مشغل اقتصادي في الرجوع على المشغل الاقتصادي الآخر.

  • للمزيد من المعلومات حول نظام سلامة المنتج و لوائحة التنفيذية يمكنكم الاطلاع على الرابط التالي: اضغط هنا


📞 للتواصل: ٠٥٩٠٤٠٩٥٥٩

ولحجز موعد استشارة قانونية اضغط هنا

أ. عبدالعزيز فيصل الحربي

فريق عماد للمحاماة والإستشارات القانونية والشرعية